الهجوم على الإسلام مِنْ مَنْ؟ ولماذا؟
تقديم:
الحمد لله مالك الملك، يعز من يشاء، ويذل من يشاء، إنّه على كل شيء قدير.
والصلاة والسلام على البشير النذير، نبي المرحمة والملحمة، المبعوث رحمة للعالمين، ونذيراً للبشر أجمعين، والمقيم لخير أمة أخرجت للنّاس في الأولين والآخرين.
وعلى آله وصحبه الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد..
مدخل:
ففي الوقت الذي بدأ المسلمون فيه طريق العودة إلى دينهم، والتمسك بعقيدتهم، والعمل للعيش في ظل كتاب ربهم، وسنة نبيهم، في هذا الوقت اشتدت الحملة ضد الإسلام والمسلمين من داخل العالم الإسلامي، ومن خارجه للحيلولة بين المسلمين وما يريدون، ولقطع الطريق على أبناء الأمة، أن يعيشوا كما يحبون مسلمين مؤمنين أعزة في أوطانهم وديارهم.
وحتى يكون شباب الأمة الإسلامية على علم بأبعاد المؤامرة على دينهم وعقيدتهم، عليهم أن يعرفوا طريق الخلاص من هذه المؤامرة وكيف يواجهونها وكيف ستكون العاقبة إن شاء الله تعالى ومن أجل ذلك أحببنا أن نكتب هذا التعريف.
لماذا الهجوم على الإسلام الآن؟
وما كادت تسقط آخر خلافة إسلامية، وتقسم أراضي الإسلام بين الدول الصليبية الكافرة، حتى انطلقت الألسن من كل اتجاه قائلة إنّ سبب ضعف المسلمين يكمن في الإسلام الذي أقعدهم عن طلب العلم والنهضة، وكبلهم في التخلف والجهل، وتحت هذه المقالات الفاجرة نشأت الحكومات التي استبدلت شريعة الله بشرائع الكفار، ونظام التعليم الإسلامي بنظام التعليم الغربي، وبدأت أجهزة الإعلام تغرس عقائد القومية، واللادينية "الإلحاد" (انظر كتابنا الإلحاد)، والوطنية الإقليمية مكان العقيدة الإسلامية.. ولكن لم يمض وقت طويل حتى اكتشف المسلمون أنفسهم زيف هذه الدعاوى. فقد تحطمت دعوة القومية وصارت هباءً منثورا بعد أول مواجهة مع اليهود، وخلفت أحقاداً يتعذر تجاوزها، وتحولت دعوة الوطنية الإقليمية إلى مسخ مشوه بعد التحقق أنّ أية دولة من الدول العربية الإسلامية لا يمكن لها أن تعيش وتبقى وحدها. وانتهى الإلحاد بنهاية بائسة حيث بدأ أهله يبحثون في الفلسفات القديمة والأديان الخرافية عن ملجأ لهم من اللهيب والظلمة الكفر والضياع الذي خلفته المادية الإلحادية، واكتشف المسلمون أخيراً أنّهم دون عقيدتهم وإسلامهم قطيع تائه، بل قطعان تائهة، وأنّه لا حياة لهم ولا عز ولا نصر إلاّ بالدين الذي أعزهم الله به، وانتصروا في ظلاله وتحب لوائه على مدى ثلاثة عشر قرناً من الزمان.
وابتدأت طلائع الشباب المثقفين والمتعلمين منهم خاصة تعود إلى الدين، وتشق طريقها في الحياة وفق تعاليمه وتحت ظلاله، وهنا جن جنون أعداء الله الذين بذلوا النفس والنفيس في سبيل سلخ هذه الأمة عن دينها، فكيف تكون النهاية هكذا؟ كيف ينقلب النّاس إلى الإسلام من جديد وقد ظنوا أنّ المسلمين قد فارقوا الإسلام إلى الأبد، وأنّه لا عودة لهذا الدين من جديد وأنّ قضيته لن يكون لها وجود، وأنّ دولته لن تعقد لها راية، ولن يرفع لها لواء.. وهنا تنادى أعداء الله في شرق الأرض وغربها أن اغدوا لشن الغارة من جديد على الإسلام وأهله وحُولُوا بين أبنائه والعودة إليه.
من الذي يحارب الإسلام الآن؟
والذين يحملون اليوم لواء الحرب على الإسلام أصناف عديدة جداً، رغم تباينهم واختلافهم في أنفسهم إلاّ أنّهم اجتمعوا حول هذا الهدف المشترك والغاية الواحدة وأهم هذه الأصناف اليوم ما يلي:
1- الشيوعيون وأشياعهم وفروخهم:
وذلك أنّ العقيدة الشيوعية تقوم أساساً على جحد الأديان والكفر برسالات السماء. بل الكفر بكل الغيب، وجعل الحياة الدنيا هي الغاية ونهاية المطاف، وتسليم الحكم لسلطة الحزب، وجعل إله الآلهة، ومُشرع القوانين، ومرجع كل خلاف هو "كارل ماركس ولينين"، اللذان قالا في زعم الشيوعيين الكلمة الأخيرة في كل شيء، في الاقتصاد والحياة، والأخلاق والفن والأديان والحكم والسياسة والتاريخ والماضي والمستقبل والطبيعة، وما وراء الطبيعة.. إلخ. فجعلوا إلههم المطاع وسيدهم غير المنازع الذي أحاط علماً بكل شيء وعرف كل ما في الكون هو اليهودي الحاقد "كارل ماركس" والشيوعي الحاقد "لينين".. والبشر بعد ذلك ما هم إلاّ أتباع مقلدون لا يجوز لهم نقد هذين الإلهين ولا تجاوز شيء ممّا قالوه.
ولما كانت النصرانية هي دين الغالبية العظمى في أوروبا وأمريكا قد أفلست وباعت كنائسها، أو أبقتها للذكرى والتاريخ، وكانت اليهودية، ديناً منغلقاً وقفاً على أولاد إسرائيل فقط وليست ديناً للتبشير والدعوة.. وكانت الأديان الوثنية الأخرى أدياناً للاستهلاك المحلي، وللتسلية واللعب، ومن أجل ذلك لم يبق أمام الشيوعية من عقيدة تستطيع أن تنافحها بل أن تهزمها وفي عقر دارها في روسيا غير الإسلام العقيدة العلمية النقية الخالصة، التي جاءت بثورة على كل ظلم وفساد وجهل، وخرافة، وشرك وجحود ونكران.. من أجل ذلك صب الشيوعيون في كل مكان جام غضبهم على هذه العقيدة وأهلها وابتدأوا حربها بكل سبيل، فها هي عساكرهم تغزو أفغانستان لتحطيم عقيدة أهله، والحيلولة دون قيام حكم إسلامي ينشر الإسلام في آسيا ويخلص مسلمي روسيا من بطش وظلم الشيوعيين الكفرة وهؤلاء الشيوعيون الذين غرروا بالشعوب الإسلامية هناك عندما قاموا بثورتهم الشيوعية وقام المسلمون معهم تخلصاً من ظلم القياصرة فكان جزاؤهم بعد ذلك القتل والإبادة، وتحريم الإسلام عليهم وقطع الصلة بينهم وبين الإسلام، فلا مسجد يرفع فيه آذان، ولا مصحف يسمح بتداوله وطبعه. وهاهي روسيا تنقلب ضد الشعب الأريتري المسلم وتحارب ثورته وتمد أعداءه، وهاهي تسرق ثورة الشعب المسلم في جنوب الفلبين وتصنع العملاء لها في الوطن الإسلامي، هؤلاء العملاء الذين ما أن يتسلموا حكم دولة من الدول إلاّ ويعيثوا في الأرض الفساد من أول يوم بل من أول ساعة، ففي السودان ما إن تسلم عميل لهم الحكم حتى بدأ يقتل من يعرف الصلاة من الضباط، وحتى خرجت مظاهراتهم لتقول: لا إسلام بعد اليوم.. وفي مصر ما إن تحول عميل من الأمريكان إليهم، حتى زرعوا أرض مصر بالفساد فاستعار نحواً من خمسين ألف داعية روسي للإلحاد تحت مسمى الخبراء، وابتدأ قتل المسلمين وتعذيبهم وتشريدهم وتشتيت شملهم، وابتدأ تطبيق اشتراكيتهم الفاسدة، التي أفسدت البلاد والعباد، وفي أندونيسيا ما إن تسلم بعض العملاء دفة الحكم حتى قتلوا كل ضابط يصلي وألقوهم جميعاً في بئر واحد وفتحوا المجاري عليهم وذلك بعد ساعات فقط من قيام انقلابهم المشئوم.. وشرح هذا يطول، وهؤلاء هم عملاؤهم الذين لم يتسلموا سلطة والذين يسمون أنفسهم بالشيوعيين تارة واليساريين أخرى، والديمقراطيين ثالثة، لا عمل لهم إلاّ حرب الإسلام، ولا هدف لهم إلاّ محاولة القضاء عليه، وهاهي أيديهم لا تكون إلاّ مع أعداء الإسلام، يزعمون محاربة أمريكا وهم وإيّاها جبهة واحدة ضد الدين، ويرفعون شعار الديمقراطية وهم أعدى أعداء حرية الرأي والكلمة، وينادون بالوطنية وهم دائماً مع روسيا ضد مصالح أوطانهم، ويرفعون شعار القومية وهم دائماً مع أعداء قوميتهم وخاصة العرب منهم، هؤلاء هم العدو الأول للمسلمين في بلاد الإسلام.